۱۴۰۴/۰۵/۲۰- ۲۱:۵۲ - مشاهده: ۱۶۱

من سلفورينو إلى غزّة... من الهولوكوست إلى الفلوكوست (الإبادة ضد الشعب الفلسطیني)

إن النظام الإسرائيلي، الذي تأسس بزعم اضطهاد وتشريد اليهود في أوروبا ووقوع المحرقة على يد الحكومة الألمانية النازية، وسعيًا وراء وطن قومي لليهود، واحتلاله الأراضي في المنطقة الفلسطينية، هو الآن وريث سلسلة من اضطهاد وتشريد الفلسطينيين. لقد أدى استحضار حق المقاومة لشعب غزة تحت الاحتلال إلى ذروة الجرائم الناجمة عن الحرب والاحتلال اللذين شنتهما إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني منذ عام ١٩٤٨، ومنذ ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٣، شهدنا فصلاً جديداً من العنف والوحشية من قبل النظام الصهيوني في هذه المنطقة.  النص الکامل باللغتین العربیة و الأنجلیزیة مرفق:

بسم الله الرحمن الرحیم

من سلفورينو إلى غزّة... من الهولوكوست إلى الفلوكوست (الإبادة ضد الشعب الفلسطیني)

تبلور الكيان الإسرائيلي بادعاء التعرض للتعذيب والاضطهاد وتشريد اليهود في أوروبا ووقوع المحرقة على يد الحكومة النازية في ألمانيا، وبحثاً عن "وطن لليهود"، من خلال احتلال أرض في منطقة فلسطين، ليصبح اليوم وريثاً لمجموعة من أسوأ أشكال الاضطهاد والتشريد بحق الفلسطينيين. لقد أدى لجوء الشعب الواقع تحت الاحتلال في غزة إلى حقه في المقاومة أدی إلى تصعيد الجرائم التي تمخضت عن العدوان والاحتلال الذي شنته إسرائيل منذ عام 1948 ضد الشعب الفلسطيني لتبلغ ذروتها، ومنذ 28 أكتوبر 2023، نشهد فصلاً جديداً من العنف والوحشية التي يمارسها الكيان الصهيوني في هذه المنطقة.

ولم تقتصر جرائم هذا الكيان على القتل بلا حدود للمدنيين وتجويع الفلسطينيين وإبادتهم، بل امتدت نيران غضبه، بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، إلى أراضي لبنان واليمن وسوريا وإيران.

وما يُرتكب في غزة اليوم أمام أنظار العالم أجمع أشد هولاً مما شاهده‌هانري دونان في حرب سلفورينو، مما أدى إلى تأسيس هيئة دولية إنسانية هي اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

 إن مشهد غزة اليوم يعيد إلى الأذهان تقارير هانري دونان عن سلفورينو: فتى كان جائعاً منذ ثلاثة أيام ولم يعد قادراً على الكلام، مع وجود ماء وغذاء، لكن الناس كانوا يموتون جوعاً وعطشاً، وقضوا الليل بأكمله بلا طعام1. وما يُعرض اليوم أمام العالم هو سلفورينو جديدة خلت تماماً من أي أثر للإنسانية.

إن مأساة غزة اليوم أشد وجعاً من سلفورينو: ففي غضون ثلاثة أشهر فقط، قُتل أكثر من 1400 من طالبي الغذاء في غزة على يد الكيان الصهيوني2؛ أمير، الطفل الذي قُتل برصاص الاحتلال بعد أن سار 12 كيلومتراً وعثر على كيس صغير من الطحين والعدس؛ عماد3، الطفل البالغ ثلاث سنوات ونصف، الذي أُطلق عليه الرصاص أثناء عودته من السوق، وحين مد يده طالباً النجدة من الناس أصابته رصاصة أخرى أردته قتيلاً4؛ وجنان، الرضيعة ذات الأربعة أشهر، التي توفيت في المستشفى لعدم العثور على قطرة من الحليب5. وما ذُكر ليس سوى قطرة من بحر الدم الجاري في غزة. ورغم قيام بعض الهيئات الدولية بمبادرات لتخفيف آلام ومعاناة الفلسطينيين، إلا أن من الضروري أن تُثبت الآليات الدولية من خلال أكثر الإجراءات جدية أنه لا حاجة لظهور "هانري دونان" آخر أو هيئات جديدة في عالم الجرائم المعاصرة.

إن هذا التجويع، الذي يُعد انتهاكاً للمواد 23 و50 و55 و59 من اتفاقية جنيف الرابعة، والمواد 54 و69 من البروتوكول الإضافي الأول، والفقرة (ب) من البند 1 للمادة 7، والبند (ب) من الفقرة 2 للمادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يأتي ضمن سلسلة تشمل مبدأ التمييز بين المقاتلين والمدنيين، ومبدأ التناسب (ومن ضمنها المادة 14 من قواعد الحقوق الانسانية العرفية والمادة قسم ب الفقرة 5 من المادة 51 للبروتوكول الاضافي الأول) وحظر استهداف المواقع المحمية( من ضمنها المادة 19 و المواد 35 حتى 37 من اتفاقية جنيف الاولى والمواد 18 حتى 22 من الاتفاقية جنيف الرابعة والمواد 53 حتى 56 من البروتوكول الاضافي الأول)، والتدابير الاحترازية ( كالمواد 57 و 58 من البروتوكول الاضافي )والتهجير القسري(البند 4 من الفقرة الاولى للمادة 7 من البيان التأسيسي للمحكمة الجنائية الدولية و القسم 7 بند الف الفقرة الثانية للمادة 8)، وجريمة الإبادة الجماعية (اتفاقية الابادة 1948) .

لقد كانت "الإبادة الجماعية" مصطلحاً يظهر في الكتب التاريخية والقانونية، أما اليوم، ومع وجود وسائل الإعلام وتقارير الشهود الرسميين، فإن العالم يشهد إبادة جماعية حقيقية أمام أعينه. فعندما يصف نتنياهو ( رئيس وزراء اسرائيل )الحرب ضد الفلسطينيين بأنها حرب ضد "وحوش مصاصة دماء"6 و"أبناء الظلام"7 و"الشر المتطرف"8 و"الهمجية"9 و"العمالقة"10، وكذلك يصف هرتزوغ (رئيس الكيان الاسرائيلي) الحرب بأنها ضد "الشعب الفلسطيني بأكمله"11، ويصف غالانت (وزير الدفاع الاسرائيلي) الفلسطينيين بأنهم "حيوانات بشرية"12، ويتوعد وزير الأمن القومي الإسرائيلي بالقضاء على كل فلسطيني يفرح، ويعد وزير الطاقة بحرمان الفلسطينيين من الماء والكهرباء والوقود، وتتردد عبارات مثل "يجب على السكان المدنيين في غزة أن يغادروا العالم"13، و"إزالة قطاع غزة من على وجه الأرض"14، و"أمام الناس خياران: البقاء ومواجهة المجاعة أو الرحيل"15، و"تحويل غزة إلى مكان لا يمكن لأي إنسان العيش فيه"16، و"نساء غزة المسكيناتأمهات وأخوات وزوجات قتلة حماس"17، وعشرات العبارات الوحشية الأخرى، فإن الشك يكاد يتلاشى في نية إسرائيل لارتكاب الإبادة الجماعية18.

قبل أن تثبت الإبادة الجماعية في قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، فإنها مثبتة في نظر آلاف الأمهات اللواتي لفظ أطفالهن أنفاسهم في أحضانهن، وآلاف الأطفال الذين واجهوا الموت بالرصاص والجوع، وآلاف الآباء الذين عادوا إلى عائلاتهم بأطراف مبتورة، ومليارات البشر ذوي الضمائر الحية الذين يشاهدون هذه المشاهد الوحشية، بغض النظر عن التعقيدات القانونية التي قد تحول دون إثباتها في المحكمة.

إن ما يُشاهد اليوم في وسائل الإعلام بلا وسيط هو محرقة فلسطينية كاملة الأركان أو ما يمكن تسميته بـ "فلوكوست" palocaust. كانت "المحرقة" ادعاءً أوجد في داخله بذرة محرقة فلسطينية حقيقية، وكل ذلك ليبقى الكيان الصهيوني قائماً. إن استمرار هذا الوضع، أي "سلفورينو غزة" و"المحرقة الفلسطينية"، لا يعني فقط الإمعان في ضرب الأجساد المنهكة للنساء والأطفال في غزة، بل هو ضربة لجوهر الإنسانية، ويؤدي تبعاً لذلك إلى تفاقم انعدام الثقة بالآليات الدولية القائمة. إن البشرية تتوقع من الدول والمجتمعات الدولية، باستخدام جميع الوسائل والإمكانات الممكنة، القيام بواجباتها الإنسانية وممارسة الضغط اللازم على الكيان الصهيوني المعادي للإنسانية، أملاً في ضمان كرامة الفلسطينيين ومعاقبة مجرمي الحرب، حتى لا يُسمع مجدداً النداء المؤلم: "لقد تخلوا عنا" 19           . (The  desert  us)

 نخبة من الحقوقيين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––

 

[1] Henry Dunant, A memory of Solferino, 1947, p. 30.

[1] Kids under fire documentary, 2025, available at https://www.aljazeera.com/video/fault-lines/2025/3/27/kids-under-fire-2

[2] https://www.reuters.com/business/healthcare-pharmaceuticals/gaza-hunger-crisis-ripples-across-health-sector-israeli-blockade-endures-2025-05-07/

[3] bloodthirsty monsters

[4] children of darkness

[5] extreme evil

[6] barbarism

[7] Amalek

[8] entire nation

_

[1] human animals

[1] Israel Katz, Minister of Energy and Infrastructure, Member of the Political-Security Cabinet, Member of Knesset, @Israel_katz, Tweet (6:01 p.m.), 13 October 2023, https://twitter.com/Israel_ katz/status/1712876230762967222.

[1] Nissim Vaturi, Deputy Speaker of the Knesset, Member of the Foreign Affairs and Security Committee, @nissimv, Tweet (5:33 p.m.), 7 October 2023, https://twitter.com/nissimv/status/ 1710694866009596169. Translation in “Public Statement: Scholars Warn of Potential Genocide in Gaza”, Opinio Juris, 18 October 2023, https://opiniojuris.org/2023/10/18/public-statementscholars-warn-of-potential-genocide-in-gaza.

[1] Giora Eiland, “A new turning point in the history of the State of Israel. Most people don’t understand that”, Fathom, 7 October 2023, https://fathomjournal.org/opinion-a-new-turningpoint-in-the-history-of-the-state-of-israel-most-people-dont-understand-that/

[1] Giora Eiland, “It’s time to rip off the Hamas band-aid”, Yedioth Ahronoth, 12 October 2023, https://www.ynetnews.com/article/sju3uabba

[1] Giora Eiland, “Let’s not be intimidated by the world”, Yedioth Ahronoth (print), 19 November 2023, in Bezalel Smotrich, Minister of Finance, Chairman of the Religious Zionist Party, @bezalelsm, Tweet (11:20 a.m.), 19 November 2023, https://twitter.com/bezalelsm/status/172619 8721946480911

[1] Application Instituting Proceedings Containing a Request for The Indication of Provisional Measures, Application of The Convention on The Prevention and Punishment of The Crime of Genocide in The Gaza Strip (South Africa V. Israel), 29 December 2023, pp. 140-156.

 

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است

تقییمك